كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله عز وجل: {أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب} أمرهم أن يقولوا لا إله إلا الله أيسع لحاجَاتنا جميعًا إله واحد إن هذا لشيء عجاب بمعنى عجيب كما يقال رجل طوال وطويل، وكان الخليل يفرق بينهما في المعنى فيقول العجيب هو الذي قد يكون مثله والعجاب هو الذي لا يكون مثله، وكذلك الطويل والطوال.
قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم} والانطلاق الذهاب بسهولة ومنه طلاقة الوجه وفي الملأ منهم قولان:
أحدهما: أنه عقبة بن معيط، قاله مجاهد.
الثاني: أنه أبو جهل بن هشام أتى أبا طالب في مرضه شاكيًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق من عنده حين يئس من كفه، قاله ابن عباس.
{أَنِ امشوا واصبروا على آلهتكم} فيه وجهان:
أحدهما: اتركوه واعبدوا آلهتكم.
الثاني: امضوا على أمركم في المعاندة واصبروا على آلهتكم في العبادة، والعرب تقول: امش على هذا الأمر، أي امض عليه والزمه.
{إن هذا لشيء يراد} فيه وجهان:
أحدهما: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وقوي به الإسلام شق على قريش فقالوا إن الإسلام عمر فيه قوة للإسلام وشيء يراد، قاله مقاتل.
الثاني: أن خلاف محمد لنا ومفارقته لديننا إنما يريد به الرياسة علينا والتملك لنا.
قوله عز وجل: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} فيه أربعة أقويل:
أحدها: في النصرانية لأنها كانت آخر الملل، قاله ابن عباس وقتادة والسدي.
الثاني: فيما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الحكم.
الثالث: في ملة قريش، قاله مجاهد.
الرابع: معناه أننا ما سمعنا أنه يخرج ذلك في زماننا، قاله الحسن.
{إن هذا إلا اختلاق} أي كذب اختلقه محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله عز وجل: {أم عندهم خزائن رحمة ربك} قال السدي مفاتيح النبوة فيعطونها من شاؤوا ويمنعونها من شاءُوا.
قوله عز وجل: {فليرتقوا في الأسباب} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: في السماء، قاله ابن عباس.
الثاني: في الفضل والدين، قاله السدي.
الثالث: في طرق السماء وأبوابها، قاله مجاهد.
الرابع: معناه فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة، وهو معنى قول أبي عبيدة.
قوله عز وجل: {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال سعيد بن جبير: هم مشركو مكة و{ما} صلة للتأكيد، تقول: جئتك لأمر ما. قال الأعشى:
فاذهبي ما إليك ادركني الحلم ** عداني عن هيجكم أشغالي

ومعنى قوله جند أي أتباع مقلِّدون ليس فيهم عالم مرشد.
{مهزوم من الأحزاب} يعني مشركي قريش أنه أحزاب إبليس وأتباعه وقيل لأنهم تحازبوا على الجحود لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قال قتادة: فبشره بهزيمتهم وهو بمكة فكان تأويلها يوم بدر.
قوله عز وجل: {كذبت قبلهم قوم نوح} ذكر الله عز وجل القوم بلفظ التأنيث، واختلف أهل العربية في تأنيثه على قولين:
أحدهما: أنه قد يجوز فيه التأنيث والتذكير.
الثاني: أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه إلا أن يقع المعنى على العشيرة فيغلب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيهًا عليه كقوله تعالى: {كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره} ولم يقل ذكرها لأنه لما كان المضمر فيه مذكورًا ذكره وإن كان اللفظ مقتضيًا للتأنيث.
{وعادٌ} وهم قوم هود كانوا بالأحقاف من أرض اليمن، قال ابن اسحاق: كانوا أصحاب أصنام يعبدونها، وكانت ثلاثة يقال لأحدها هدر وللآخر صمور للآخر الهنا، فأمرهم هود أن يوحدوا الله سبحانه ولا يجعلوا معه إِلهًا غيره ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم إلا بذلك.
{وفرعون ذُو الأوتاد} وفي تسميته بذي الأوتاد أربعة أقاويل:
أحدها: أنه كان كثير البنيان، والبنيان يسمى أوتادًا، قاله الضحاك.
الثاني: أنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب عليها، قاله ابن عباس وقتادة.
الثالث: لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد، قاله السدي.
والرابع: أنه يريد ثابت الملك شديد القوة كثبوت ما يشج بالأوتاد كما قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ** في ظل ملك ثابت الأوتاد

{وثمود} وهم عرب وحكى مقاتل أن عادًا وثمود أبناء عم، وكانت منازل ثمود بالحجر بين الحجاز والشام منها وادي القرى، بعث الله إليهم صالحًا، واختلف في إيمانهم به، فذكر ابن عباس أنهم آمنوا ثم مات فرجعوا بعده عن الإيمان فأحياه الله تعالى وبعثه إليهم وأعلمهم أنه صالح فكذبوه وقالوا قد مات صالح فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأتاهم الله الناقة، فكفروا وعقروها، فأهلكهم الله.
وقال ابن إسحاق: إن الله بعث صالحًا شابًا فدعاهم حتى صار شيخًا، فقروا الناقة ولم يؤمنوا حتى هلكوا.
{وقوم لوط} لم يؤمنوا حتى أهلكهم الله تعالى. قال مجاهد: وكانوا أربعمائة ألف بيت في كل بيت عشرة. وقال عطاء ما من أحد من الأنبياء إلا يقوم معه يوم القيامة قوم من أمته إلا آل لوط فإنه يقوم القيامة وحده.
{وأصحاب الأيكة} بعث الله إليهم شعيبًا. وفي {الأيكة} قولان:
أحدهما: أنها الغيضة، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه الملتف من النبع والسدر قاله أبو عمرو بن العلاء. قال قتادة: بعث شعيب إلى أمتين من الناس إلى أصحاب الإيكة وإلى مدين، وعذبتا بعذابين.
{أولئك الأحزاب} يحتمل وجهين:
أحدهما: أحزاب على الأنبياء بالعداوة.
الثاني: أحزاب الشياطين بالموالاة.
قوله عز وجل: {وما ينظر هؤلاء} يعني كفار هذه الأمة.
{إلا صيحة واحدة} يعني النفخة الأولى.
{ما لها من فواق} قرأ حمزة والكسائي بضم الفاء، والباقون بفتحها، واختلف في الضم والفتح على قولين:
أحدهما: أنه بالفتح من الإفاضة وبالضم فُواق الناقة وهو قدر ما بين الحلبتين تقديرًا للمدة.
الثاني: معناهما واحد، وفي تأويله سبعة أقاويل:
أحدها: معناه ما لها من ترداد، قاله ابن عباس.
الثاني: ما لها من حبس، قاله حمزة بن إسماعيل.
الثالث: من رجوع إلى الدنيا، قاله الحسن وقتادة.
الرابع: من رحمة. وروي عن ابن عباس أيضًا.
الخامس: ما لها من راحة، حكاه أبان بن تغلب.
السادس: ما لها من تأخير لسرعتها قال الكلبي، ومنه قول أبي ذؤيب:
إذا ماتت عن الدنيا حياتي ** فيا ليت القيامة عن فواق

السابع: ما لهم بعدها من إقامة، وهو بمعنى قول السدي.
قوله عز وجل: {وقالوا ربنا عَجَّل لنا قِطنا} الآية. فيه خمسة تأويلات:
أحدها: معنى ذلك عجل لنا حظنا من الجنة التي وعدتنا، قاله ابن جبير.
الثاني: عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي وعدتنا استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس.
الثالث: عجل لنا رزقنا، قاله إسماعيل بن أبي خالد.
الرابع: أرنا منازلنا، قاله السدي.
الخامس: عجل لنا في الدنيا كتابنا في الآخرة وهو قوله: {فأما من أوتي كتابه بيمينه} {وأما من أوتي كتابه بشماله} استهزاء منهم بذلك. وأصل القط القطع، ومنه قط القلم وقولهم ما رأيته قط أي قطع الدهر بيني وبينه وأطلق على النصيب. والكتاب والرزق لقطعه من غيره إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالًا وأقوى حقيقة، قال أمية بن أبي الصلت:
قوم لهم ساحة العراق وما ** يجبى إليه والقط والقلح

وفيه لمن قال بهذا قولان:
أحدهما أنه ينطلق على كل كتاب يتوثق به.
الثاني: أنه مخص بالكتاب الذي فيه عطية وصلة، قاله ابن بحر.
قوله عز وجل: {اصبر على ما يقولون} يعني كما صبر أولو العزم من الرسل لا كمن لم يصبر مثل يونس.
{واذكر عبدنا داود} أي فإنا نحسن إليك كما أحسنا إلى داود قبلك بالصبر.
{ذا الأيد} فيه قولان:
أحدهما: ذا النعم التي أنعم الله بها عليه لأنها جمع يد حذفت منه الياء، واليد النعمة.
الثاني: ذا القوة، قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد، ومنه {والسماء بنيناها بأيد} أي بقوة. وفيما نسب داود إليه من القوة قولان:
أحدهما: القوة في طاعة الله والنصر في الحرب، قاله مجاهد.
الثاني: ذا القوة في العبادة والفقه في الدين قاله قتادة. وذكر أنه كان يقوم نصف الليل ويصوم نصف الدهر.
{إنه أواب} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أنه التواب، قاله مجاهد وابن زيد.
الثاني: أنه الذي يؤوب إلى الطاعة ويرجع إليها، حكاه ابن زيد.
الثالث: أنه المسبح، قاله الكلبي.
الرابع: أنه الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها، قاله المنصور.
قوله عز وجل: {وشَدَدنا ملكه} فيه وجهان:
أحدهما: بالتأييد والنصر.
الثاني: بالجنود والهيبة. قال قتادة: باثنين وثلاثين ألف حرس.
{وآتيناه الحكمة} فيها خمسة تأويلات:
أحدها: النبوة، قاله السدي.
الثاني: السنّة، قاله قتادة.
الثالث: العدل، قاله ابن نجيح.
الرابع: العلم والفهم، قاله شريح.
الخامس: الفضل والفطنة.
{وفصل الخطاب} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: على القضاء والعدل فيه، قاله ابن عباس والحسن.
الثاني: تكليف المدعي البينة والمدعَى عليه اليمين، قاله شريح وقتادة.
الثالث: قوله أما بعد، وهو أول من تكلم بها، قاله أبو موسى الأشعري والشعبي.
الرابع: أنه البيان الكافي في كل غرض مقصود.
الخامس: أنه الفصل بين الكلام الأول والكلام الثاني.
قوله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخَصْم} والخصم يقع على الواحد والاثنين والجماعة لأن أصله المصدر.
{إذ تسوروا المحراب} ومعنى تسوروا أنهم أتوه من أعلى سورة وفي المحراب أربعة أقاويل:
أحدها: أنه صدر المجلس، ومنه محراب المسجد، قاله أبو عبيدة.
الثاني: مجلس الأشراف الذي يتحارب عليه لشرف صاحبه، حكاه ابن عيسى.
الثالث: أنه المسجد، قاله يحيى بن سلام.
الرابع: أنه الغرفة لأنهم تسوروا عليه فيها.
{إذ دخلوا على داود ففزع منهم} وسبب ذلك ما حكاه ابن عيسى: إن داود حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم، فقيل له إنك ستبتلى وتعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك، فأخذ الزبور ودخل المحراب ومنع من الدخول عليه، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر كأحسن ما يكون من الطير فجعل يدرج بين يديه، فهمّ أن يستدرجه بيده فاستدرج حتى وقع في كوة المحراب فدنا منه ليأخذه فانتفض فاطلع لينظره فأشرف على امرأة تغتسل فلما رأته غطت جسدها بشعرها، قال السدي فوقعت في قلبه، قال ابن عباس وكان زوجها غازيًا في سبيل الله، قال مقاتل وهو أوريا بن حنان، فكتب داود إلى أمير الغزاة أن يجعل زوجها في حملة التابوت، وكان حملة التابوت إما أن يفتح الله عليهم أو يقتلوا، فقدمه فيهم فقتل، فلما انقضت عدتها خطبها داود فاشترطت عليه إن ولدت غلامًا أن يكون الخليفة بعده، وكتبت عليه بذلك كتابًا وأشهدت عليه خمسين رجلًا من بني إسرائيل فلم يشعر بفتنتها حتى ولدت سليمان وشب وتسور عليه الملكان وكان من شأنهما ما قَصَّه الله في كتابه.
وفي فزعه منهما قولان:
أحدهما: لأنهم تسوروا عليه من غير باب.
الثاني: لأنهم أتوه في غير وقت جلوسه للنظر.
{قالوا لا تخف خصمان بَغَى بعضنا على بعض} وكانا ملكين ولم يكونا خصمين ولا باغيين، ولا يأتي منهما كذب، وتقدير كلامها: ما تقول إن أتاك خصمان وقالا بغى بعضنا على بعض.